هل صادفك يومًا مصطلح اضطراب ثنائي القطب؟ هل تساءلت يومًا ماذا يعني هذا المصطلح؟ ربما أصيب به أحد أصدقائك، أو أحد أفراد عائلتك. ربما لاحظت على الشخص المصاب تقلبًا متكررًا في الحالة المزاجية، واختلاف في سلوكياته وتساءلت إن كان هذا السلوك عن قصد أو بسبب هذا الاضطراب. يجيب هذا المقال على هذه التساؤلات موضحًا الأسباب، والأعراض، والتشخيص، وطرق العلاج.
ما هو مرض اضطراب ثنائي القطب؟
هو اضطراب نفسي يسبب تغيرًا في الحالة المزاجية للمريض، ومعدل نشاطه، وتركيزه، وطريقة أدائه أعماله اليومية.
يصاب المريض بنوبات من الاكتئاب متبادلة مع نوبات من الهوس تستمر عدة أسابيع أو شهور.
عادة ما يحدث تقلبات مزاجية عند الأشخاص الطبيعية ولكنها تستمر ساعات أو أيامًا قليلة، وغالبًا لا تؤثر على أعمالهم ولا علاقتهم بالآخرين، أما في مرضى هذا الاضطراب تستمر هذه التقلبات أسابيعًا أو شهورًا إن لم تعالج جيدًا.
يصيب هذا الاضطراب الأشخاص في سن20-25 عامًا تقريبًا، ونادرًا ما يظهر المرض في مراحل الطفولة أو المراهقة أو كبار السن، ولكن تظل احتمالية ظهور المرض في هذه المراحل العمرية واردة.
اقرأ أيضاً: الاكتئاب الموسمي ……. أسبابه و٥ طرق لعلاجه
أسباب اضطراب ثنائي القطب
- أسباب وراثية
معظم الحالات يكون لها تاريخ مرضى داخل العائلة، فقد أثبتت الدراسات الحديثة وجود جينات تتحكم في ظهور المرض وتتوارث في العائلات، ولكنها ليست السبب الوحيد، فلابد من توافر عوامل أخرى تتحكم في ظهور الأعراض على حاملي هذه الجينات.
- اضطراب في النواقل العصبية في المخ
يقوم المخ بوظيفته عن طريق نواقل عصبية تنتقل بين الخلايا العصبية حاملة رسائل تترجمها الخلية العصبية للقيام بوظيفة معينة حسب الناقل العصبي الذي تستقبله مثل:
- السيروتونين الذي يتحكم في الحالة المزاجية التي تشعر بها من سعادة أو حزن، وتنظيم النوم، والتركيز، والاسترخاء. نقص مستوى السيروتونين في المخ يسبب الشعور بالحزن والاكتئاب، والقلق والتوتر.
- الدوبامين الذي يلعب دورًا هامًا في تكوين الذاكرة في المخ، وضبط الحالة المزاجية، والتحفيز والمكافأة بعد أداء بعض السلوكيات والعادات التي تجعلنا نشعر بالإنجاز. الدوبامين مهم أيضًا في عملية التعلم إذ يساعد المخ على الاحتفاظ بالمعلومات.
يعطي الدوبامين إحساس الرضا والسعادة للإنسان خاصةً بعد السلوكيات التي يقوم بها الإنسان بهدف البقاء مثل: الأكل والشرب، والسلوكيات التي يقوم بها بهدف الشعور بالسعادة مثل: التسابق وتناول الأطعمة الغنية بالشيكولاتة، والسكريات أو الوجبات السريعة، وحتى إدمان المواد المخدرة يسبب زيادة مستوى الدوبامين بالمخ مسببًا الشعور بالرضا والسعادة ومن ثم الاعتياد على المواد المخدرة وإدمانها، وهذا هو سبب قيام مرضى هذا الاضطراب ببعض السلوكيات الخطرة مثل: الإدمان والقيادة بسرعة جنونية.
عند حدوث خلل في هذين الناقلين يحدث الاضطراب وتظهر الأعراض على المريض.
اقرأ أيضاً: التدخين .. أضراره وتأثيره على أعضاء الجسم
- تغيرات في المخ
يختلف تركيب المخ في مرضى هذا الاضطراب عن الأشخاص غير المصابين في الحجم، وتركيب الخلايا، وطريقة الاستجابة للمؤثرات، والقيام بالوظائف المختلفة، لهذا يستجيب هؤلاء المرضى للمؤثرات بطريقة مختلفة.
- العوامل البيئية
مثل: التعرض للتوتر المستمر، أو الصدمات بعد وفاة شخص مقرب للمريض، أو التعرض لحادث مروع، أو الأزمات المالية.
أعراض اضطراب ثنائي القطب
تظهر الأعراض في صورة نوبات متكررة من الاكتئاب والهوس المتبادلين. يتميز هذا الاضطراب بالاختلاف الشديد في الحالة المزاجية من اكتئاب شديد إلى الشعور بالسعادة البالغة والنشوة وتتبادل الأعراض كالتالى:
نوبة الاكتئاب
- الشعور بالحزن، واليأس، وانعدام القيمة.
- قلة الحركة، والشعور بعدم القدرة على القيام بالمهام اليومية المعتادة.
- صعوبة في التركيز.
- فقدان الشغف تجاه المهام والأعمال المعتادة.
- فقدان الثقة في النفس أو الآخرين.
- زيادة ساعات النوم أو نقصها عن المعتاد.
- تغير في الشهية للطعام فقد يزداد معدل تناول الطعام أو يقل عن المعتاد.
- أفكار انتحارية أو التحدث عن الموت بصورة متكررة.
نوبة الهوس
- الشعور بالسعادة المفرطة، والابتهاج، والغبطة المبالغ.
- التحدث كثيرًا وبسرعة، والتنقل من موضوع لآخر بسرعة دون الانتهاء من أى موضوع أو حديث.
- الشعور بالامتلاء بالطاقة والرغبة في القيام بالعديد من الأنشطة.
- الشعور بالفخر بالذات المبالغ فيه.
- سهولة التشتت والتوتر.
- قلة الرغبة في النوم.
- القيام بسلوكيات خطيرة تعرضه للخطر مثل: القيادة الجنونية وتناول المواد المخدرة أو الكحول بكثرة.
- الأفكار المتلاحقة غير المنظمة.
النوبة الخفيف
تحدث نفس أعراض نوبة الهوس السابقة ولكن أخف حدة وتستمر وقت أقل.
اقرأ أيضاً: اضطرابات الأكل..أسبابها وأنواعها وطرق الوقاية والعلاج
أنواع اضطراب ثنائي القطب
تختلف شدة الأعراض من شخص لآخر، ويختلف نوع الاضطراب أيضًا من شخص لآخر. يوجد ثلاثة أنواع لهذا الاضطراب:
- النوع الأول من اضطراب ثنائي القطب:
يظهر على المريض في هذا النوع نوبات شديدة من الهوس تستمر لمدة أسبوع على الأقل يومياً في معظم أوقات اليوم، ونوبات شديدة من الاكتئاب تستمر لمدة أسبوعين على الأقل.
تشتد الأعراض في هذا النوع وقد تتطلب الاحتجاز بالمستشفى.
- النوع الثاني من اضطراب ثنائي القطب:
يحدث في هذا النوع نوبات من الاكتئاب والهوس الخفيف لكنها أقل حدة من النوع الأول وتستمر نوبات الهوس الخفيف لمدة أقل من النوع الأول لا تزيد عن أربعة أيام.
- اضطراب المزاج الدوري
تتبادل فيه أعراض الاكتئاب والهوس الخفيف ولكنها أقل حدة من النوعين السابقين إذ لا يمكن تصنيفها كنوبة اكتئاب كاملة، أو نوبة هوس، أو هوس خفيف كاملة.
اقرأ أيضاً: متلازمة فرط الحركة (ADHD)
هل مرض اضطراب ثنائي القطب خطير؟
يُعد هذا المرض من الأمراض المزمنة التي يعيش بها المريض طوال حياته، ولكن إن شُخص المريض مبكراً، واتبع تعليمات الطبيب، وتلقي العلاج المناسب تقل حدة المرض وخطورته.
يُعرّض مريض ثنائي القطب نفسه لمواقف خطرة مثل: الإدمان، والقيادة الجنونية، وعدم اتباع أوامر المرور، وفي نوبات الاكتئاب قد يحاول المريض الانتحار، وهنا تكمن خطورة اضطراب ثنائى القطب.
لذلك فإن التشخيص المبكر وتلقي العلاج المناسب هما حجر الأساس للحفاظ على حياة المريض.
قد لا يلاحظ مريض ثنائي القطب أنه في نوبة الهوس أو الاكتئاب، وقد يجد ردود فعل المحيطين به محبطة دون أن يعي أنه مصاب بالمرض، وقد يتسبب المرض في إيقافه عن العمل أو ابتعاد الأشخاص المقربين عنه.
إذا لاحظت أيًا من الأعراض السابقة على أىٍ من المحيطين بك لا تتردد في تقديم يد العون، وإرشاده إلى الطريق السليم، واللجوء لأقرب طبيب لتلقي المساعدة والعلاج، لأنه يساعد كثيرًا المريض في استعادة نظام حياته، وضبط حالته المزاجية مما قد ينقذ حياته بالفعل من أى خطر قد يعرض نفسه له دون شعور منه.
تشخيص اضطراب ثنائي القطب
يستطيع الطبيب النفسي أو مقدم الرعاية الصحية تشخيص المرض عن طريق الفحص الإكلينيكي للشخص المريض ومتابعة تاريخه المرضي وتحديد عدد الأعراض التي يعاني منها ومدة ظهورها عليه وإجراء بعض القياسات النفسية التي تساعده في تأكيد إصابة الشخص بهذا الاضطراب من عدمه.
علاج اضطراب ثنائي القطب
يلعب العلاج الدوائي دوراً هاماً في هذه الحالة، ويُعد هو الخيار الأول للسيطرة على الأعراض وضبط الحالة المزاجية للمريض.
يصف الطبيب في هذه الحالة أنواعًا مختلفةً من مضادات الاكتئاب ومنظمات الحالة المزاجية ويحدد الجرعة المناسبة لكل حالة على حدة حسب شدة الأعراض وسن المريض ووزنه وحالته الصحية.
يمكن للطبيب الاستعانة بالعلاج السلوكي للمريض عن طريق أحد الأخصائيين النفسيين لتحسين الاستجابة للعلاج الدوائي، وتغيير الأفكار السلبية في عقل المريض عن نفسه وعن الآخرين لمساعدته في ممارسة حياته بأفضل صورة ممكنة.
اقرأ أيضاً: أوميجا 3.. أنواعه وأهميته للكبار والأطفال
المصادر
- https://www.nhs.uk/mental-health/conditions/bipolar-disorder/symptoms/
- https://my.clevelandclinic.org/health/articles/22572-serotonin#:~:text=Serotonin%20is%20a%20chemical%20that,blood%20clotting%20and%20sexual%20desire.
- https://my.clevelandclinic.org/health/articles/22581-dopamine
- https://www.nimh.nih.gov/health/publications/bipolar-disorder
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK519712/table/ch3.t8/