الجرب (Scabies)، بمجرد أن يضع له الطبيب تشخيص حكته الشديدة، تصيب المريض دهشة وحالة من الإنكار، لماذا يا تُرى؟
عدوى الجرب اسم مرعب لدى بعض الأشخاص، وينكرون فكرة إصابتهم به ولا يتقبّلون ذلك، وذلك لفهمهم المغلوط عن هذه العدوى بأنها تصيب الأشخاص ذوي الطبقة المتدنية فقط والأشخاص غير المهتمين بنظافتهم الشخصية. من اسمها هي عدوى، مجرد عدوى تنتقل من شخص مريض إلى شخص سليم، لا تُميّزُ عِرقاً أو طبقة اجتماعية عن أخرى.
نحن هنا لنوضح لكم حقيقته وعلاجه، وما هي أبرز تظاهراته.
تعريف عدوى الجرب
هي إصابة الجلد بطفيل يُدعى سوس الجرب (اسمه العلميّ: القارمة الجريبيّة Sarcoptes scabiei). يخترق السوس الطبقة السطحية من الجلد حيث يعيش ويضع بيوضه.
يصيب هذا المرض جميع الطبقات الاجتماعية، فهو ليس مرتبط بقلة النظافة وإنما بالعدوى والتماس.
ينتشر سوس الجرب عادةً عن طريق التلامس المباشر مع الجلد مع شخص مصاب بهذا المرض.
عند الإصابة، يبدي الجلد رد فعل تحسسي تجاه هذا السوس وبيوضه فتبدأ الحكة الشديدة ويظهر الطفح الجلدي الذي يشبه البثور.
يمكن أن ينتشر بسرعة في ظل الظروف المزدحمة حيث يكون ملامسة الجسم والجلد متكرراً. غالباً ما تكون بعض المؤسسات مثل دور رعاية المسنين، ومرافق الرعاية، والسجون مواقع لتفشي هذا المرض. تعتبر مرافق رعاية الأطفال أيضاً موقعاً شائعاً لانتشار هذا المرض.
لا يعيش هذا السوس خارج جسم الإنسان أكثر من 3 أيام، ويموت بالتعرض للحرارة العالية.
أسباب الجرب وطرق انتقاله
ينتشر عادة عن طريق التلامس الجلدي المباشر مع شخص مصاب بهذا المرض. لكن يجب أن يطول هذا الاتصال بشكل عام؛ حيث أن المصافحة السريعة أو العناق السريع عادةً لن يؤدي إلى انتقال هذا المرض.
ينتشر هذا المرض بسهولة بين الزوجين وبين أفراد الأسرة. غالباً ما يتم اكتساب هذا المرض عند البالغين عن طريق الاتصال الجنسي، حيث يصنف كأحد أشيع الأمراض الجلدية المنقولة بالجنس.
ينتشر أحياناً بشكل غير مباشر عن طريق مشاركة الملابس، أو المناشف، أو الفراش التي يستخدمها الشخص المصاب. مع ذلك، يمكن أن يحدث هذا الانتشار غير المباشر بسهولة أكبر عندما يكون الشخص المصاب مصاباً بالجرب المتقشر.
ما هو الجرب المتقشر
يُسمى (Crusted scabies) هو شكل حاد من الجرب يمكن أن يحدث لدى بعض الأشخاص الذين لديهم ضعف في جهاز المناعة، أو كبار السن، أو المعاقين، أو الضعفاء جسدياً. ويسمى أيضًا بالجرب النرويجي، وذلك لأن الحالة الأولى التي شُخصت بهذا الشكل من المرض كانت في النرويج.
يتميز بتشكل قشور سميكة على الجلد والتي تحتوي على أعداد هائلة من هذا السوس وبيوضه. لذلك؛ الأشخاص المصابون به معديون جداً ويمكن أن ينشروا المرض بسهولة عن طريق التلامس السريع في الجلد على عكس الجرب العادي، ومن خلال الملابس والفراش الملوثين بالسوس.
ما يميز الإصابة بالنوع المتقشر هو غياب الأعراض الوصفية للمرض مثل الحكة الشديدة والطفح الجلدي المميز للجرب، وبذلك يجب الانتباه لهذه الحالات وتشخيصها لكي يتلقى المريض علاج فوري وقوي خوفاً من نقل العدوى لمن حوله.
اقرأ أيضا: جدري الماء (الحُماق) Chickenpox: دليلك الشامل
الأعراض
تظهر الأعراض بعد التعرض للعدوى بـ ٤ أسابيع، ويمكن للشخص أن ينقل العدوى قبل ظهور الأعراض لديه.
أكثر العلامات والأعراض شيوعاً هي:
✓الحكة الشديدة:
خاصةً في الليل، حيث أن الحكة الليلية الشديدة هي جرب حتى يثبت العكس.
✓الطفح الجلدي:
الذي يشبه البثور (الحطاطات)، ويمكن أن يكون على شكل حويصلات (بثور مملوءة بسائل) وقشور.
قد يترك الطفح الجلدي مكانه بقعاً داكنة.
أشيع أماكن ظهور طفح الجرب
- الإبط.
- بين الأصابع.
- ثنية المعصم.
- ثنية المرفق
- الأرداف.
- المنطقة التناسلية.
- المنطقة حول حلمة الثدي.
- ثنية الثدي.
- الخصر وخط الحزام.
الحك الشديد لهذه البثور يمكن أن يسبب تقرحات قد تصاب فيما بعد بالتلوث الجرثومي ويحدث مكانها إنتان جلدي.
✓الأنفاق الجلدية:
هي عبارة عن أنفاق يحفرها السوس تحت سطح الجلد. تظهر على شكل خطوط دقيقة متعرجة بيضاء اللون أو رمادية.
من الجدير بالذكر أن هذه الأنفاق قد يصعب ملاحظتها ولا يشترط رؤيتها حتى نشخص هذا المرض.
أشيع أماكن ظهور الأنفاق: ثنية المعصم، والمرفق، وثنية الركبة، وثنية الثدي، والمنطقة التناسلية.
بشكل عام يمكن أن نرى الطفح الجلدي في أي مكان في الجسم باستثناء الرأس عند البالغين.
أما بالنسبة للأطفال الصغار والرضع، قد نشاهد الآفات في الوجه، والرأس، والعنق، وراحتي اليدين، وأخمص القدمين.
أما المصابين بالنوع المتقشر، غالباً ما تغيب لديهم أعراض الحكة والطفح الجلدي، وهنا تكمن خطورته حيث يجب كشفه وتشخيصه؛ رغم غياب أعراض هذا المرض؛ لكي لا يحدث انتشار هائل للمرض بين الناس.
كم من الوقت يحتاج الطفح للظهور بعد التقاط العدوى؟
يظهر الطفح بعد شهر إلى شهر ونصف تقريباً من التعرض للعدوى للمرة الأولى، ولكن إذا كانت هذه الإصابة للمرة الثانية؛ تظهر الأعراض بعد أيام قليلة من التعرض.
يمكن للمصاب أن ينقل العدوى في هذه الفترة قبل ظهور الأعراض لديه.
التشخيص
يتم تشخيص الإصابة بناءً على الأعراض السريرية والمظهر المميز للطفح الجلدي المترافق مع الأنفاق الجلدية.
لكن هناك بعض الفحوصات التي تؤكد التشخيص وذلك من خلال رؤية السوس، أو بيوضه، أو فضلاته. ذلك يتم بأخذ عينات من الآفات الجلدية وفحصها تحت المجهر فيظهر السوس أو بيوضه.
من الجدير بالذكر أن عدم رؤية شيء تحت المجهر لا ينفي التشخيص.
قواعد مهمة في علاج الجرب
يوجد قواعد مهمة في العلاج يجب الانتباه لها وهي:
١- أي شك سريري يستوجب تطبيق المعالجة، وعند ترافق هذا المرض مع مرض جلدي آخر يتم علاج الجرب أولاً.
٢- يجب معالجة أفراد العائلة مع الشخص المصاب حتى لو لم تظهر عليهم الأعراض.
٣- يجب التقيد بتعليمات الطبيب لضمان الشفاء الكامل، حيث أن العلاج سهل ومضمون، ولكن يتطلب الدقة واتباع تعليمات الطبيب.
العلاج
يتميز العلاج بأنه فعال وآمن ومتوفر دوماً، وأهم العلاجات المستخدمة:
- كريم البيرمثرين: يحتوي على مادة كيميائية قاتلة للسوس وبيوضه. يدهن على كامل الجسم من العنق وحتى أسفل القدمين وليس فقط على المناطق المصابة. يمكن استخدامه عند الأطفال فوق عمر الشهرين.
- كريم الكبريت المخلوط مع الفازلين: هو أقدم علاج للجرب، يعتبر خط العلاج الأول لدى الحوامل والرضع تحت عمر الشهرين، يطبق ويترك طوال فترة الليل ثم يشطف صباحاً، يتم تكرار الدهن لمدة 5 أيام.
- كريم بنزوات البنزيل: يطبق أيضا كعلاج موضعي فعال ورخيص الثمن.
- دواء إيفرمكتين: يُعطى على شكل أقراص دوائية عن طريق الفم، لا يعطى للحوامل والأطفال الأقل من ١٥كيلوجرام. يتميز بفعاليته في معالجة الجرب المتقشر وعند المرضى المضعفين مناعياً.
بعض العلاجات الإضافية:
مضادات الهستامين للتخفيف من الحكة.
مضادات الجراثيم الموضعية إذا حصلت عدوى جرثومية مكان البثور.
مدة العلاج والطريقة الصحيحة لتطبيق العلاج
يجب تطبيق كريم البريميثرين من الرقبة وحتى أخمص القدمين لفترة تتراوح من ٨-١٢ ساعة، وبعد ذلك يتم الاستحمام وارتداء ملابس نظيفة.
بعد ٢٤ ساعة من تطبيق الكريم يكون المريض غير معدي ويمكن العودة لممارسة نشاطاته وعمله.
يوصى بتكرار العلاج بعد أسبوع بنفس الطريقة.
إذا لم يختفي الطفح الجلدي والحكة بعد ٢-٤ أسابيع من تطبيق الأدوية الموصوفة، يجب استشارة الطبيب من أجل إعادة العلاج.
لماذا قد يفشل علاج الجرب ؟
يحدث في بعض الحالات القليلة فشل في المعالجة، وذلك عند استمرار الأعراض لمدة ٢-٤ أسابيع بعد العلاج.
وذلك يعود لعدة أسباب:
١- عدم تطبيق العلاج بالطريقة الصحيحة.
٢- تطبيق العلاج بكمية غير كافية.
٣- الإصابة بهذا المرض مرة أخرى، وذلك غالباً بسبب عدم التقيد بمعالجة جميع أفراد العائلة في نفس المنزل.
نصائح مهمة أثناء العلاج
✓يجب غسل ملابس المصاب يومياً، وكذلك الأغطية، والشراشف، وغلي الملابس الداخلية (أما الألبسة التي لا تُغلى يجب غسلها وتعريضها للشمس أو كيها).
✓إذا لم يتوفر ذلك يمكن وضع الملابس داخل كيس مغلق لمدة 3 أيام على الأقل، لأن سوس الجرب لا يعيش أكثر من ذلك خارج جسم الإنسان.
✓لا داعي لعزل المريض، ولكن من الضروري أن يتم تطبيق العلاج له ولمن يسكن معه في المنزل كي لا تظهر لديهم العدوى لاحقاً.
الأسئلة الشائعة
لماذا تزداد حكة الجرب ليلاً؟
ينشط السوس عندما يصبح الجلد دافئاً، وذلك يكون في الليل عندما ينام الإنسان.
هل يمكن انتقال الجرب من الحيوانات الأليفة؟
لا تنتقل العدوى من الحيوانات الأليفة، حيث أن السوس ينتقل من إنسان لآخر فقط. أما بالنسبة للطفيليات التي تسبب هذا المرض لدى الحيوانات فإن انتقالها للإنسان قد يسبب بعضاً من التهيج فقط، ويتظاهر بإكزيما عابرة.
هل هذه العدوى دليل على قلة نظافة الشخص المصاب به؟
لا يدل هذا المرض على قلة النظافة، فهو عبارة عن عدوى تنتقل بالتماس المباشر مع الشخص المصاب، ونشاهد هذا المرض في كل الطبقات الاجتماعية.
هل الصابون يقتل الجرب؟
الصابون العادي لا يقتل هذا المرض، ولكن يمكن لبعض أنواع الصابون التي تحتوي على مادة الكبريت أن تساعد على التخلص منه.
اقرأ أيضا: الصدفية psoriasis
المصادر
- https://www.nhs.uk/conditions/scabies/
- https://www.cdc.gov/parasites/scabies/gen_info/faqs.html
- https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/scabies/symptoms-causes/syc-20377378
- https://www.healthline.com/health/scabies
- https://www.webmd.com/skin-problems-and-treatments/ss/slideshow-scabies-overview