الصرع هو مرض مزمن يصيب المخ ويؤثر على نحو 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، ويتميز بنوبات متكررة، هي عبارة عن نوبات من الحركات اللا إرادية قد تشمل جزء من الجسم أو الجسم كله، ويصاحبها أحياناً فقدان الوعي والتحكم في وظائف الجسم مثل الأمعاء أو المثانة.
تنتج هذه النوبات عن الشحنات الكهربائية التي تطلقها مجموعة من خلايا المخ، وهي شحنات قد تنطلق من أجزاء مختلفة من المخ، وقد تتراوح النوبات بين غفلات الانتباه قصيرة الأمد للغاية وتشنجات العضلات الخاطفة والاختلاجات الممتدة. كما أن النوبات قد تختلف من حيث ترددها، من أقل من مرة واحدة في السنة إلى عدة مرات في اليوم.
يمكن أن يُصاب أي شخص بهذا المرض، فيصيب الصرع الذكور والإناث من جميع الأعراق والأعمار.
الصرع عند الأطفال
الصرع هو الاضطراب المخي لدى الأطفال الأكثر شيوعاً وقد تم تشخيص تقريباً ٣ ملايين من الأشخاص بهذا المرض حيث أن ٤٥٠.٠٠٠ منهم عمره تحت السابعة عشر ولحسن الحظ فإن ثلثي عدد الأطفال في سن المراهقة يمكنهم التغلب على المضاعفات من خلال العلاج وخصوصاً النوبات.
اقرأ أيضا: التهاب الدماغ (encephalitis)..أعراضه وأسبابه وأهم طرق الوقاية
أسباب الصرع عند الاطفال
لا يوجد سبب محدد للصرع لدى معظم الحالات المصابة بهذه الحالة المرضية. ولكن فقد يرجع ذلك إلى عوامل متنوعة، ومنها:
التأثير الوراثي:
بعض أنواع الصرع المصنَّفة حسب نوع النوبة، أو الجزء المصاب بالدماغ يمكن أن تكون منتشرة في العائلة، وفي هذه الحالات، من المرجح وجود تأثير وراثي.
يربط الباحثون بعض أنواع هذا الاضطراب بجينات معينة، لكن تعتبر الجينات جانب واحد من أسباب الصرع لدى معظم الأشخاص. فقد تتسبب جينات محددة في جعل الشخص أكثر حساسية لظروف بيئية قد تحفز حدوث النوبات.
إصابة الرأس:
قد يحدث هذا المرض نتيجة لإصابة الرأس.
- الشذوذات الدماغية:
يمكن أن يحدث الصرع بسبب بعض حالات الشذوذات الدماغية، مثل:
- الأورام.
- التشوهات الوعائية مثل التشوه الشرياني الوريدي والتشوهات الكهفية.
- السكتة الدماغية وتعد السبب الرئيسي للإصابة لدى البالغين.
- حالات العدوى:
قد تؤدي بعض الحالات إلى الإصابة بالصرع مثل:
التهاب السحايا.
فيروس نقص المناعة البشري (الإيدز).
التهاب الدماغ الفيروسي، وبعض الالتهابات الطفيلية.
إصابة الجنين قبل الولادة:
نظرا لحساسية دماغ الجنين قبل الولادة فيكون سريع الإصابة بتلف الدماغ، يمكن أن ينتج تلف الدماغ عند الجنين بسبب عدة عوامل مثل:
- إصابة الأم بالعدوى.
- نقص بعض المواد في جسم الأم أثناء فترة الحمل، وسوء التغذية.
- نقص الأكسجين.
يمكن أن يؤدي تلف الدماغ عند الجنين إلى الإصابة بالصرع أو الشلل الدماغي.
اضطرابات النمو:
قد يرتبط الصرع أحيانا باضطرابات النمو مثل التوحُّد.
اقرأ أيضًا: الفيروس المخلوي التنفسي (RSV).. أعراضه وطرق الوقاية والعلاج
ما هي أنواع الصرع؟
من المهم تصنيف نوبة الصرع التي يعاني منها المريض للمساعدة في اختيار العلاج المناسب، وتنقسم أنواع الصرع إلى مجموعتين:
١. النوبات المعممة (Generalized seizures):
وهي نوبات تنتج عن نبضات كهربائية غير طبيعية منتشرة في المخ بأكمله، ويصنف هذا النوع من أنواع الصرع إلى ستة أنواع فرعية كما الآتي:
- نوبة توترية رمعية (Tonic-clonic seizure):
وهي أشد وأقوي أنواع النوبات تأثيرا، وتسمى أيضًا بنوبة الصرع الكبيرة، وقد تجعل الشخص يصرخ، ويفقد الوعي، ويسقط أرضًا، ويفقد السيطرة على المثانة، ويتصلب الجسم ويهتز، وقد تتسبب بتشنجات عضلية.
- نوبة صرعية مصحوبة بغياب الوعي (Absence seizure):
وتُسمى بنوبات الصرع الصغيرة، وقد تسبب رفة العين عدة مرات، أو التحديق في الفراغ لثواني، ويمكن أن تسبب فقدانًا قصيرًا للوعي.
اقرأ أيضا: التلعثم stuttering، تعرف على أسبابه وطرق علاجه
- نوبة رمعية عضلية (Myoclonic seizure):
تشمل أعراضها حدوث هزات عضلية مفاجئة في جزء واحد من الجسم أو كل الجسم، مثل: تحرك اليد حركة مفاجئة، وقد يهتز الكتف، وقد تتحرك القدم حركة ركل، أو يهتز الجسم كاملًا.
وقد تحدث أي من الحالات السابقة منفردة أو تحدث معًا.
- النوبة التوترية الرمعية (Clonic seizure):
خلال هذه النوبة قد يفقد الشخص السيطرة على وظائف الجسم، وقد يحدث تشنج في أجزاء مختلفة من الجسم، وقد يفقد الشخص الوعي مؤقتًا ويتبع ذلك الإصابة بحالة من التشوش والارتباك.
- نوبة توترية (Tonic seizure):
هي نوبات قليلة الشيوع، وتظهر عادة مع “متلازمة لينوكس غاستو” (Lennox-gastaut syndrome) وتسمى هذه المتلازمة بالصرع النادر، وتبدأ في مرحلة الطفولة، ولكن قد تحدث في أي عمر.
وتتميز هذه النوبات بحدوث تشنجات عضلية في الوجه والجسم، بالإضافة إلى حدوث ثني أو تمدد في الطرفين العلوي والسفلي، وقد يكون ذلك مصاحباََ بضعف في الوعي.
- نوبة ارتخائية (Atonic seizure):
في هذا النوع من النوبات يفقد الفرد وعيه فجأة، ويسقط أرضًا دون سابق إنذار، وفي هذه الحالة لا يحدث تشنج ولكن قد يرتطم رأس الشخص عند سقوطه أرضًا، وقد تظهر أيضا عند الإصابة بمتلازمة لينوكس غاستو.
2. النوبات الجزئية (Partial seizures):
تُعرف بأنها نوبات ناتجة عن نبضات كهربائية تولد من جزء واحد موضعي أو صغير نسبيًا من الدماغ، وتُعرف أيضًا باسم “النوبات البؤرية” (Focal seizures) أو الموضعية.
وتنقسم النوبات الجزئية إلى مجموعتين، وهما كالآتي:
- نوبات بؤرية مع الاحتفاظ بالوعي:
ويعرف كذلك بالنوبة الجزئية البسيطة، ولا تسبب هذه النوبات فقدان الوعي، إنما قد تسبب تغير من المشاعر، أو تغير الشم، والذوق، والصوت، والإحساس.
كما قد تؤدي لتشنجات لا إرادية في بعض أجزاء الجسم، أو الدوار، أو رؤية أضواء ساطعة.
تنقسم النوبات الجزئية البسيطة إلى أربع مجموعات وفقاََ لاختلاف الأعراض:
- نوبة حركية.
- نوبة حسية.
- نوبة لا إرادية.
- نوبة نفسية.
- نوبات بؤرية مع فقدان الوعي الجزئي:
وتعرف كذلك بالنوبة الجزئية المعقدة، كما يدل الاسم على أحد سماتها وهو فقدان الوعي أو حدوث تغيير فيه، ويكون فيها الشخص خلال النوبة محدقًا في الفراغ، كما تتضمن حدوث حركات لا إرادية، مثل: المضغ، أو التجول، أو التململ.
اقرأ أيضا: النقرس Gout .. ما هو النقرس؟ أسبابه وعلاجه وطرق الوقاية منه
هل يمكن علاج الصرع نهائيًا؟
يعتبر الصرع مرض مزمن ولا يمكن علاجه بشكل نهائي، ولكن الاكتشاف والعلاج المبكر يعطى نتائج أفضل بنسبة كبيرة في العلاج والتحكم بالأعراض، وتساعد الأدوية على التنظيم وتقليل شدة وحدوث نوبات الصرع بشكل كبير وناجح.
علاج الصرع
الأدوية المضادة للصرع
من أكثر الأساليب شيوعًا لعلاج الصرع هو استخدام الأدوية المختلفة، بحيث تساعد هذه الأدوية على تنظيم نوبات الصرع بنسبة 70% عند الأشخاص.
تساعد أدوية الصرع على تنظيم نسبة المواد الكيميائية في دماغ المريض، وتساعد على الحد من مضاعفات الصرع والنوبات ولكن لا تعالج الصرع نهائيًا.
اقرأ أيضا: أوميجا 3.. أنواعه وأهميته للكبار والأطفال
الجراحة لعلاج الصرع
عادة ما تحتاج بعض الحالات إلى الجراحة عند فشل الأدوية في السيطرة على النوبات، قد تهدد النوبات في بعض الأحيان صحة وحياة المريض.
يقوم الأطباء بإجراء عملية جراحية للدماغ عند التأكد من الآتي:
- عندما يكون مصدر النوبات جزء صغير ويمكن تحديد موقعه بدقة شديدة في الدماغ.
- استئصال الجزء المسؤول عن نوبات الصرع في الدماغ ليس له أي تأثير على الوظائف الحيوية للإنسان مثل: السمع، والنطق، والبصر، والحركة.
- نسبة كبيرة من الأشخاص المصابين والذين قاموا بإجراء عملية استئصال الجزء المسؤول عن الصرع، لم يواجهوا أي نوبات صرع لمدة طويلة، لذلك يعتبر هذا العلاج فعال بشكل كبير.
اقرأ أيضا: التهاب الأعصاب.. اعراضه واسبابه و8 طرق للعلاج الطبيعي
الأجهزة الطبية للتحكم في النوبات
إليك أبرزها في ما يأتي:
تحفيز العصب المبهم (Vagus nerve)
تعتمد طريقة تحفيز العصب المبهم بزرع جهاز تحت الجلد عند منطقة الصدر،بحيث تتصل الأسلاك في هذا الجهاز بالعصب المبهم في الرقبة.
ويقوم الجهاز بإرسال طاقة كهربائية من خلال العصب المبهم إلى الدماغ، ويساعد على تقليل نوبات الصرع بنسبة 20-40%.
التحفيز العميق للدماغ (Deep brain stimulation)
يقوم الأطباء بزرع أقطاب في أجزاء من الدماغ، ويتم توصيل هذه الأقطاب بمولد يرسل نبضات كهربائية للدماغ بحيث تعمل على تقليل النوبات.
اتّباع نظام غذائي مولد للكيتون (Keto diet)
ينصح الأطباء مرضى الصرع خصوصًا الأطفال باتباع نظام الكيتو دايت، بحيث يتناول هؤلاء المرضى نسبة قليلة جدًا من الكربوهيدرات ونسبة عالية من الدهون.
في هذا النظام الغذائي يقوم الجسم باستهلاك الدهون بدلا من الكربوهيدرات لإنتاج الطاقة، يمكن للأطفال اتباع نظام صحي غير كيتوني بعد عدّة سنوات تدريجيًا ولكن يجب استشارة الطبيب.
References
- https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/epilepsy/symptoms-causes/syc-20350093
- https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/epilepsy
- https://www.healthline.com/health/epilepsy
- https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/17636-epilepsy
- https://www.epilepsy.com/what-is-epilepsy
- https://www.webmd.com/search/search_results/default.aspx?query=epilepsy