يُعد مرض الانسداد الرئوي المزمن (Chronic Obstructive Pulmonary Disease) من أخطر الأمراض الصدرية الناتجة عن الإصابة ببعض مشاكل الرئة المزمنة الأخرى مثل انتفاخ الرئة والتهاب القصبات المزمن؛ بسبب التدخين بشكل رئيسي، مما يؤدي إلى ضرر بالغ بالرئة وصعوبة عملية التنفس. على الرغم من ذلك يمكن السيطرة عليه والحد من آثاره كما سنوضح في هذا المقال إلى جانب إيضاح أعراضه، وأسبابه، ومضاعفاته، وطرق علاجه.
أعراض الانسداد الرئوي المزمن
يمكن تقسيم أعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD) حسب مرحلة المرض كالآتي:
أعراض المرحلة الأولى:
- صوت صفير.
- كحة مستمرة مع بلغم كثيف.
- الشعور بضيق الصدر.
- صعوبة في التنفس عند القيام بأي نشاط بدني، كما أنها تشتد مع مرور الوقت.
أعراض المرحلة المتأخرة:
- ضيق التنفس عند الكلام.
- سرعة النبض.
- زرقة الشفتين وأطراف الأصابع.
- إرهاق وانخفاض الطاقة.
- فقدان الوزن.
اقرأ أيضا: الالتهاب الرئوي (Pneumonia).. أسبابه وأعراضه وطرق الوقاية
مرض الانسداد الرئوي المزمن والربو (Asthma)
الجدير بالذكر أن مرض الانسداد الرئوي المزمن والربو يتشابهان في أنهما يسببان التهاب جدار الشعيبات الهوائية وصعوبة التنفس، ولكن الاختلاف يكمن فيما يلي:
مرض الانسداد الرئوي المزمن
- استمرار الأعراض وتدهورها بمرور الوقت.
- لا تعود طبيعة التنفس كما كانت غالبا.
- وجود بلغم كثيف مرافق للسعال.
- يحدث بعد سن 40 عاماً في الغالب مع إمكانية حدوثه لأعمار مختلفة.
الربو
- تظهر أعراضه كسعال شديد يصاحبه صفير لوقت أقل ومدة معينة نتيجة تحسس الجهاز التنفسي لمادة معينة.
- يرجع التنفس طبيعيا بعد نهاية النوبات.
- يصيب الربو الأفراد عادة في الطفولة.
أسباب الانسداد الرئوي المزمن
ترجع الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن إلى:
يؤدي دخان السجائر إلى إثارة الممرات الهوائية مسببا التهابات تضيق الشعب الهوائية، بالإضافة إلى إتلاف الأهداب التي تقوم بإزالة الجسيمات الدقيقة الحبيسة وإزالة المخاط بالشعب الهوائية.
- التعرض المستمر للمهيجات:
مثل ملوثات الهواء، والأبخرة، والغازات الكيميائية، والتدخين السلبي، والغبار، والتي تعمل على:
- تحفيز نشاط الإجهاد التأكسدي المؤدي إلى التهاب الممرات التنفسية وتدمير الحويصلات الهوائية بالرئة.
- تضيق ممر الهواء نتيجة ازدياد إفراز وتراكم المواد المخاطية بالممرات التنفسية الصغيرة بالإضافة إلى زيادة سُمك جدارها، وتقلص عضلاتها.
- تكرار حدوث العدوى والالتهابات نظراً لتراكم المخاط.
- قلة إنتاج إنزيم ألفا-1 أنتي تريبسين (AAT-alpha-1 antitrypsin):
نظرا لخلل الجين المسئول عن إنتاج إنزيم ألفا 1- أنتي تريبسين بجسم المريض مهدد الإصابة بانتفاخ الرئة، حيث يقوم هذا الإنزيم بوقاية الرئتين من النتائج السلبية للتعرض للمهيجات والالتهاب.
- تاريخ وراثي عائلي:
حيث يتوارث الخلل الجيني لأنزيم ألفا-1 أنتي تريبسين بين أفراد العائلة مما يرفع احتمالية الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن خاصة المدخنين منهم.
- الربو:
حيث أن المصابين بالربو أكثر عرضة للإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن بنسبة أكبر من الأشخاص الأصحاء.
- مشاكل تنفسية مسببة الإصابة:
تؤدي العوامل سالفة الذكر إلى الإصابة بمشاكل تنفسية مزمنة معا أو أحدهما مسببة في النهاية مرض الانسداد الرئوي المزمن مثل:
- انتفاخ الرئة (Emphysema):
يسمى أيضا النفاخ الرئوي ويُعد من أهم الأمراض المؤدية إلى مشكلة الانسداد الرئوي المزمن، ويسبب ضيق تنفس حاد ناجم عن تلف الأنسجة، وفقد شكلها وقدرتها على القيام بوظيفتها أثناء عملية التنفس، وذلك بسبب:
- تلف الحويصلات الهوائية في الرئة.
- انسداد في الممرات التنفسية.
- التهاب القصبات المزمن (Chronic Bronchitis):
هو نتيجة التهاب مزمن في بطانة القصبات الهوائية بالرئتين، مما ينتج عنه كحة مستمرة يصاحبها بلغم مخاطي، علاوة على صوت الصفير أو صعوبة التنفس.
وإذا استمرت الأعراض لمدة أقلها ثلاث شهور خلال سنتين متتابعتين، قد يُشخص التهاباً مزمناً.
المضاعفات
يمكن أن يسبب هذا المرض مضاعفات خطيرة خاصة في حال عدم تطبيق بروتوكول العلاج جيداً مثل:
- أمراض الجهاز التنفسي: ترتفع فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا؛ مما يترتب عليه زيادة صعوبة التنفس والأضرار الممكن حدوثها للرئة.
- سرطان الرئة.
- ارتفاع ضغط الدم في شرايين الرئة.
- الاكتئاب: نظراً لمنع المرض المريض من التمتع بالأنشطة اليومية، علاوة على أن إدراك المريض لصعوبة المرض وضعف فرص الشفاء يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب أحياناً.
- أمراض القلب: يرفع هذا المرض فرص التعرض لأمراض القلب كعدم انتظام النبض، وخلل في كفاءة القلب، والنوبات القلبية.
- سوء التغذية
- خسارة الوزن البالغة.
- هشاشة العظام.
اقرأ أيضا: الذبحة الصدرية ….. تعرف على أعراضها و 4 طرق للعلاج
تشخيص الانسداد الرئوي المزمن
يقوم الطبيب بمراجعة التاريخ المرضي والعائلي للمريض ثم يفحص المريض سريرياً لتحديد الأعراض. ويتم طلب إجراء فحوصات واختبارات معينة مثل:
- تحليل غازات الدم (Arterial blood gas analysis): يقيس هذا الاختبار نسبة كلا من الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الدم بالشرايين، لمعرفة مدى قدرة الرئة على تزويد الدم بالأكسجين والتخلص من ثاني أكسيد الكربون.
- قياس التنفس (ٍSpirometry): يحدد هذا الاختبار كمية هواء الشهيق والزفير وسرعتهما كدلالة على كفاءة عمل الرئة، حيث يقوم المريض بأخذ شهيقاً عميقاً والنفخ في أنبوب مرتبط بجهاز يقيس كمية الهواء وسرعة خروجه.
- التصوير المحوسب المقطعي للرئتين (CT Scan): يوضح هذا الفحص صور الرئة، والأوعية الدموية، والقلب.
- التصوير بالأشعة السينية للصدر (Chest X-ray): من خلال هذا الفحص يتم الكشف عن انتفاخ الرئة واستبعاد الحالات المتداخلة أعراضها مع أعراض مرض الانسداد الرئوي مثل سرطان الرئة أو فشل القلب.
العلاج
أولا يتم تحديد مدى تطور مرض الانسداد الرئوي المزمن لوصف بروتوكول العلاج المناسب بناءً على مرحلة المرض حيث توجد أربع مراحل أو درجات وهي: خفيف، ومتوسط، وشديد، وشديد جداً. يمكن تحديدها اعتماداً على الآتي:
- حدة الأعراض.
- مدى إمكانية تفاقم المرض.
- نتيجة اختبار قياس التنفس.
- الإصابة بأمراض أخرى.
يهدف العلاج إلى تهدئة الأعراض، وتخفيف الالتهاب، وعرقلة تقدم المرض، ولكنها للأسف لن تقضي على المرض تماماً.
و من المؤكد أن الإقلاع الفوري عن التدخين هو أول خطوة في طريق السيطرة على المرض، ثم بناء على توجيهات الطبيب يتم استخدام الأدوية المختلفة والطرق الأخرى كما يلي:
- موسعات للشعب الهوائية (Bronchodilators):
تعمل على توسيع الممرات الهوائية وتؤخذ عن طريق الفم أو تستنشق كما في أجهزة البخار والبخاخات، ويوجد منها نوعان:
- قصيرة المفعول كالسالبوتامول (Salbutamol) والبوتيرول (Albuterol).
- طويلة المفعول كالسالميتيرول (Salmeterol) والإنداكاتيرول (Indacaterol).
- الكورتيكوستيرويدات (Corticosteroids): هى مركبات مصنعة شبيهة بالكورتيزون الطبيعي وتخفف من الالتهابات وتوجد كبخاخات أو أمبولات لأجهزة البخار مثل:
- البوديسونيد (Budesonide) المعروفة بـ (بلميكورت (Pulmicort.
- الفلوتيكازون (Fluticasone).
- بكلوميتازون (Beclometasone).
- مذيبات البلغم (Mucolytic agent) مثل:
- أسيتيل سيستين (Acetylcysteine).
- الكاربوسيستين (Carbocisteine).
- المضادات الحيوية (Antibiotics): لمحاربة الالتهابات البكتيرية التي تصيب الجهاز التنفسي.
- العلاج بالأكسجين (Supplemental oxygen therapy): يتم إمداد المريض بالأكسجين في حال انخفاض نسبة الأكسجين بالدم عن المعدل الطبيعي.
- مثبطات الفسفودايستراز-4 (PDE4): تقاوم التهابات الجهاز التنفسي مثل سيلوميلاست (Cilomilast).
- تمارين تحسين التنفس (Pulmonary rehabilitation): يتم تعليمها للمريض لممارستها عند الإحساس بضيق التنفس.
- الجراحة: في الحالات الشديدة فقط التي لم يجدي معها الدواء نفعا يتم اللجوء للجراحة إما بتصغير حجم الرئة أو زراعة رئة جديدة.
- العلاج بالأعشاب:
برغم أنها لا تعالج المرض إلا أنها تساعد في الحماية من الإصابة بالعدوى، ومكافحة الالتهاب، وتخفيف الأعراض؛ نظراً لاحتوائها على مضادات للالتهابات وللأكسدة، وهى مثل:
اقرأ أيضا: حساسية الأنف.. أسبابها وأنوعها و8 أعراض عند الأطفال
نصائح للمرضى
يوجد بعض النصائح المساعدة في التأقلم مع مرض الانسداد الرئوي المزمن، على المريض اتباعها وهي كما يلي:
- الإقلاع فوراً عن التدخين والبعد عن التدخين السلبي.
- تجنب التعرض للهواء الملوث أو للمهيجات المؤدية لتطور الأعراض، كالأتربة والأدخنة.
- عدم التعرض لطقس حار للغاية أو بارد للغاية.
- الالتزام بطرق التنفس الفعال، كالتنفس العميق وإخراج الزفير بضم الشفتين.
- تناول طعام صحي للحفاظ على الوزن ورفع المناعة.
- تناول السوائل بكثرة وخاصة مشروبات الأعشاب الدافئة لإذابة البلغم المتراكم في المجاري التنفسية والتخلص منه.
- الحرص على تلقي لقاح المكورات الرئوية، ولقاح الإنفلونزا السنوي.
- ممارسة تدريبات رياضية مناسبة بانتظام.
كيفية الوقاية من مرض الانسداد الرئوي المزمن
لحسن الحظ فإن السبب الرئيسي للإصابة بالمرض معروف، لذا فمن السهل الوقاية منه وذلك عن طريق:
- التوقف عن التدخين وعدم التعرض للتدخين السلبي.
- تجنب الأدخنة، والأبخرة الكيميائية، والهواء الملوث.
- استعمال العاملين معدات الوقاية كالأقنعة لعدم استنشاق المواد الكيميائية المثيرة حفاظاً على صحة الجهاز التنفسي.
Resources
- https://www.lung.org/lung-health-diseases/lung-disease-lookup/copd
- https://www.nhs.uk/conditions/chronic-obstructive-pulmonary-disease-copd/
- https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/copd/symptoms-causes/syc-20353679
- https://www.cdc.gov/copd/index.html
- https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/8709-chronic-obstructive-pulmonary-disease-copd
- https://www.healthline.com/health/copd
شكرا جزيلا للمعلومات القيمة و القائمين علي هذا الموقع الطبي الرائع